إثيوبيا ترفض المقترحات المصرية لملء سد النهضة..”الرى” : عدم التوصل لاتفاق سيؤدى لمشاكل كبيرة

515

تعثرت مفاوضات سد النهضة، بعدما رفضت أثيوبيا خطة مصر لملء السد خلال الاجتماع الذى عقد فى القاهرة أمس الأول لدفع المفاوضات “المتعثرة” إلى الأمام ومناقشة العرض المصري بقواعد التخزين والتشغيل للسد خلال فترات الفيضان والجفاف، طبقا لحالة الفيضان، الامر الذى يؤكد صعوبة المفاوضات ودخولها فى نفق مظلم ، خاصة بعد التغيير الواضح فى موقف مصر من سير المفاوضات ، حيث اصبح احتجاج القاهرة معلنا وصريحا على سياسة الجانب الاثيوبى فى الملف من المراوغة والتسويف واهدار الوقت دون الوصول الى اتفاق ينهى كافة الخلافات بين الاطراف، وذلك من خلال إعلانها قبل أيام عن عدم ارتياحها من طول أمد التي تراوح مكانها منذ أشهر عدة.

فشل جديد

أعلنت مصر، أن إثيوبيا “رفضت دون نقاش” خطتها المتعلقة بجوانب رئيسية في تشغيل السد، الامر الذى يؤكد اتساع الفجوة بين البلدين فيما يتعلق بمشروع تعتبره مصر، – التي تحصل على حوالي 90 % من مياهها العذبة من نهر النيل-، خطرا على وجودها ،حيث رفضت القاهرة ايضا الموقف الاثيوبى واعتبرته “مجحفا وغير منصف” وهو ما يعكس الخلافات الاساسية بشأن التدفق السنوي للمياه التي ينبغي أن تحصل عليها مصر وكيفية إدارة عمليات التدفق أثناء فترات الجفاف.

وأكد بيان وزارة الموارد المائية، والرى فشل الاجتماع بعد توقف اكثر من عام للمفاوضات، وأرجع البيان  الى ان الاجتماع لم يتطرق إلى الجوانب الفنية بسبب ما وصفته بـ “تعنت أديس أبابا”واقتصر على مناقشة الجوانب الإجرائية والتداول حول جدول الاعمال، دون مناقشة المسائل الموضوعية، وأرجع البيان ذلك لتمسك إثيوبيا برفض مناقشة الطرح الذي سبق ‎وأن قدمته مصر للبلدين، وتقرر عقد اجتماع عاجل للمجموعة العلمية المستقلة في الخرطوم خلال الفترة من 30 سبتمبر إلى 3  أكتوبر 2019، لبحث المقترح المصري لقواعد ملء وتشغيل السد وكذلك مقترحات إثيوبيا والسودان، على أن يعقبه مباشرة اجتماع لوزراء المياه بالدول الثلاث يومي 4-5 أكتوبر 2019 لإقرار مواضع الاتفاق على قواعد الملء والتشغيل .

واكدت وزارة الرى في البيان أن مصر “ترى أهمية أن ينخرط الجانب الإثيوبي في مفاوضات فنية جادة خلال الاجتماعات القادمة التي تقرر عقدها في الخرطوم على أساس من حسن النية، بما يؤدى إلى التوصل لاتفاق في أقرب فرصة ممكنة يحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، وفق أحكام اتفاق إعلان المبادئ الموقع في الخرطوم يوم 23 مارس 2015”.

وكانت التصريحات الرسمية من جانب القاهرة فى الفترة الاخيرة صريحة ومعلنة للموقف الجديد، وذلك على كل المستويات، فقد أكد وزير الخارجية “سامح شكري”، أن مصر ستتعرض لأضرار في حال عدم التوصل لاتفاق بشأن السد الإثيوبي، وذلك خلال مؤتمره مع وزيرة خارجية كينيا مونيكا جوما، مشيرا إلى أن مصر تأمل بتجاوز بعض العوائق، والتوصل لاتفاق مرضى، خاصة أن مصر تدعم حق إثيوبيا في التنمية وتقدم خطة متكاملة تحقق العدالة لكل من الدول الثلاث، مضيفا” نتقبل أي نقاش أو ملاحظات للتوصل لاتفاق لأنه ليس هناك أي مجال لفرض طرف إرادته على طرف آخر”، مشدد على ضرورة التوصل لاتفاق خلال هذه الجولة الجديدة من المفاوضات وفق جدول زمني يحمي مصالح الشعوب الثلاثة، خاصة بعد انطلاقها مرة اخرى بعد انقطاع دام عاما وعدة أشهر بقى خلالها الأمر معلقا لفترة طويلة.

بينما وجه السفير “حمدي لوزا”،  نائب وزير الخارجية للشؤون الأفريقية، الدعوة لسفراء الدول الأوروبية المعتمدين لدى القاهرة لاجتماع عاجل، لاطلاعهم على آخر مستجدات المفاوضات الخاصة بالسد مع إثيوبيا، مشيرا الى عدم ارتياح مصر لطول أمد المفاوضات، مطالبا بتنفيذ المقترح المصرى فى هذا الشأن والمبنى على المناقشات التي تمت بين البلدين، وعلى الالتزامات الواردة في اتفاق إعلان المبادئ الموقع في 23 مارس 2015 بالخرطوم والذي يقضي باتفاق الأطراف الثلاثة على قواعد الملء والتشغيل السد ، مضيفا ضرورة ان تسيرالمفاوضات بحُسن نية في مناقشة كافة المقترحات، بما فيها الطرح المصري، لان رفض هذا المقترح يعني الإصرار على فرض رؤية أحادية دون الاكتراث بمصالح الآخرين أو الاهتمام بتجنُّب الأضرار التي ستقع على دولتي المصب، وبالأخص مصر التي تعتمد على نهر النيل كشريان حياة للشعب.

اما دكتور”محمد عبد العاطي”، وزير الري والموارد المائية، فقد شدد على ان عدم وصول مصر لاتفاق مع إثيوبيا حول السد سيؤدي لمشاكل كبيرة، خاصة وأن نهر النيل يمثل 95% من مصادر المياه للقاهرة، مؤكدا ضرورة الوصول لاتفاق في إطار تعاوني، لان التوافق في مصلحة الجميع بما يحقق هدف التنمية في إثيوبيا ولا يلحق أضرارا جسيمة لمصر، وبالتالي يجب التنسيق معنا في اى أعمال تقام في دول المنبع فيما يتعلق بالأمور الفنية ،مشيرا الى أن المفاوضات بين القاهرة وأديس أبابا تسير ببطء شديد، والجانب الإثيوبي لديه حساسية فيما يتعلق بالتعاون الثنائي من خلال لجان مشتركة تعرض حالة النيل وما تم تخزينه وحجم التأثير على المناسيب التي تصل إلى مصر، وذلك عندما رفضت مقترح القاهرة الذى قدمته إلى المسؤولين في إثيوبيا، لإدارة وتشغيل السد وفقًا للمتغيرات والظروف الخاصة بالفيضان والجفاف، حيث احتوي هذا المقترح على 6 بنود أهمها، إخطار مصر بحجم الملء والتخزين خلال سنوات الجفاف، ومواعيد صرف التفريغ والكمية المحددة؛ حتى لا تتأثر السدود الخلفية للسد في السودان أو السد العالي، مؤكدا ان مصر على استعداد كامل لإرسال فريق فني متخصص لديه خبرة عالية للتعاون من خلال تشكيل لجنة فنية ثلاثية من مصر وإثيوبيا والسودان للتعاون في مجال السدود والمرور عليها، ووضع تقارير حول حالة كل سد والتأثرات المتوقعة، مؤكدًا أن وزارة الري ترحب بالتعاون مع إثيوبيا في جميع المجالات المتعلقة بمجال المياه وهو أحد أهم البنود.

من جانبه، اكد خبير المياه الدولي، دكتور” ضياء القوصى”، إن الخلافات فى المسار الفنى للمفاوضات متوقعة ، مبديا مخاوفه من استمرار عدم التوصل لحلول فى الجولة القادمة، خاصة ان الواقع يشير إلى عدم التوافق، متوقعًا توجه مصر إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن حال إعلان استمرار التعثر فى المفاوضات ،خاصة وان اهدار الوقت ليس من مصلحتنا.

 

التعليقات متوقفه