جحيم “قضايا النفقة”..تشديد العقوبات على الممتنعين.. ليس كافيًا..إطالة أمد التقاضى وتحايل الأزواج.. أهم الإشكاليات

2٬673

معاناة حقيقية تعيشها آلاف الأمهات المطلقات بين اروقة المحاكم للحصول على نفقة اطفالهن.. ويدخل الرجل ومطلقته فى معارك قضائية لا تتوقف بسبب “قانون النفقة” الذى تحول إلى كابوس يطارد كل زوجة انفصلت عن زوجها , او قرر هو تركها والامتناع عن النفقة عليها وعلى الابناء.. وتبدأ رحلة العذاب عندما تقرر السيدة الذهاب للمحكمة, وتنفق كل ما تملك من اجل الحصول على حكم النفقة, وعندما تحصل عليه تواجه مئات العقبات فى تنفيذه.. وتبدأ معاناة جديدة من اجل التنفيذ إما بحصولها على حكم جديد بالحبس أو إرسال الصيغة التنفيذية لمقر عمل الزوج، أو الحجز على ممتلكاته وبيعها فى المزاد العلنى.. وهذا كله وسط تحايل بعض الرجال على القانون لعدم تنفيذ الأحكام بتغيير مقار سكنهم أو بيع ممتلكاتهم.
وفي محاولة لوضع حلول لمشكلات النفقة، وافق مجلس النواب فى دور الانعقاد السابق على قرار رئيس مجلس الوزراء بمشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، والتي يتضمن عقوبات جديدة بشأن الامتناع عن دفع نفقة الزوجة، وهو ما صنفه البعض كانتصار للمرأة المصرية، حيث تمت إضافة النص الآتى إلى قانون العقوبات: “كل من صدر عليه حكم قضائى واجب النفاذ بدفع نفقة لزوجه أو أقاربه أو أصهاره أو أجرة حضانة أو رضاعة أو مسكن وامتنع عن الدفع مع قدرته عليه مدة ثلاثة شهور، بعد التنبيه عليه بالدفع، يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبغرامة لا تتجاوز خمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، ولا تُرفع الدعوى عليه إلا بناء على شكوى من صاحب الشأن وإذا رُفعت بعد الحكم عليه دعوى ثانية عن هذه الجريمة فتكون عقوبتها الحبس مدة لا تزيد على سنة”.
وفى الوقت الذى اشاد فيه نواب البرلمان بالقانون واعتبروه انتصارا جديدا للمرأة وابنائها ترى العديد من الامهات المطلقات أن المشكلة فى آليات التنفيذ وليس فى القانون, وأكدن أن التعديلات الجديدة غير كافية لانها لن تستطيع حل مشكلة تهرب الأب وتغيير محل السكن للتهرب من دفع النفقة.
ووفقاً لإحصائية أعلن عنها المجلس القومى للمرأة، فإن نسبة دعاوى النفقة تزيد على 70% من إجمالى الدعاوى المقدمة أمام محاكم الأسرة على مستوى الجمهورية، بينما تمثل قضايا الرؤية 4%، وفيما يتعلق بالشكاوى التى ترد إلى مكتب شكاوى المرأة بالمجلس فإن النفقة تتصدر القائمة، تليها الرؤية، ثم التطليق للضرر، ثم مكاتب تسوية المنازعات، وأخيراً الخلع.
ضحايا النفقة
(ا.م)35 سنة، تقول “زوجى راجل على باب الله, تزوجت فى بيت اهله, واخذت اوضة كبيرة فى الشقة, ورضيت بنصيبى ووقلت ضل راجل ولا ضل حيطة” وبعدين حصلت مشاكل كثيرة بينى وبين اهله وهو “كان دايما بيقف يتفرج علينا واحنا بنتخانق, ومع كترة المشاكل رحت بيت اهلى وطلبت الطلاق , رفضت يطلقنى او يصرف على انا وابنى عنده 3 سنين واشتغلت علشان اجيب مصاريف ابنى لان ابويا راجل على أد حاله, وحاولت اتفق وديا مع اخو زوجى على نفقة للواد لكنه رفض, علشان كدة روحت المحكمة ورفعت قضية نفقة من حوالى 6 شهور وربنا وحده يعلم ازاى دبرت فلوس الست المحامية واستلفت من اخواتى ومش عارفة اعمل ايه تانى وامتى القاضى ها يحكملى بالنفقة”.
500جنيه .. حرام!!
وتستمر دموع النساء فى معركة الطلاق والنفقة, فهناك ضحية اخرى طلقها زوجها بعد 10 سنوات زواج, لديها ولد وبنت, رفعت دعوى نفقة فى المحكمة, وبعد سنة كاملة اجراءات وتحريات وجلسات حكمت المحكمة بـ 500 جنيه شهريا نفقة للاولاد وتقول “ر.أ” رغم انى اعرف دخل طليقى ولكنى لم استطع اثباته فى المحاضر الرسمية فهو صيدلى ويعمل فى اكثر من صيدلية ويتقاضى اكثر من 5 آلاف جنيه شهريا, وجاء هو بشهادات تثبت بإنه يتكفل بعلاج والدته رغم ان لديها معاش اكثر من 2000 جنيه, وبعد سنة كاملة بهدلة فى المحاكم حكم القاضى بـ500جنيه أكل وشرب ولبس ومدارس ودروس خصوصية وعلاج, وحتى هذا المبلغ الذى لا يكفى حتى العيش الحاف يتهرب طليقى من دفعه ومرت سنة اخرى وهو لا يدفع لنا مليما واحدا ودائما كان يقوم بتغيير محل اقامته, وحتى عندما قامت المحامية برفع دعوى الدفع او الحبس ادعى انه غير قادر على سداد متجمد النفقة دفعة واحدة وحكمت المحكمة بتقسيط المبلغ.
“فاطمة عبد السلام” محامية تقول: إنه فى قضايا النفقة لا يعترف بنك ناصر بعقود الصلح الصادرة من مكاتب التسوية, ففى حالة الصلح والاتفاق على نفقة معينة بين طرفى النزاع ثم يرفض الزوج دفع المبلغ عندما نذهب الى بنك ناصر بمحضر الصلح الذى تم بمكتب التسوية وعليه توقيع الزوج والاخصائيين والصيغة التنفيذية, يرفض البنك صرف هذه النفقة بحجة ان محاضر الصلح الصادرة من مكتب التسوية غير ملزمة وليست حكم محكمة, فى حين ان الصيغة التنفيذية لمكتب التسوية يجوز التنفيذ بها واضطر الرجوع لمكتب التسوية مرة اخرى حتى يقوم بعرض الامر على القاضى ليصدر قرارا بذلك وفق ما جاء بمحضر التسوية “يعنى دوخة لا اول لها ولا آخر” واوضحت انه فى دعاوى الحبس هناك الكثير من الخلط بشأن معيار القدرة على السداد, فإذا ورد التحرى بعدم المقدرة على السداد دفعة واحدة لمتجمد النفقة, وانما على اقساط لا يتم حبس المتتنع, وكأننا نكافئ من يتقاعس على السداد, وبالتالى يعطل النص.
تيسير الإجراءات
ورغم اشادة المجلس القومى للمرأة بالتعديلات الجديدة، حيث اعتبر أن تشديد العقوبة على الممتنعين عن دفع النفقة أنها أنصاف لحقوق المرأة، وتضمن إلزام الزوج بدفع النفقة في موعدها, الا ان هناك العديد من الجمعيات العاملة فى مجال حقوق المرأة رأت انها غير كافية والاهم تيسير اجراءات التقاضى ومساعدة المطلقات فى حصولهن على حكم نفقة صغارهن وانتهاء المعاناة وسنوات العذاب التى تقضيها المراة واطفالها فى دهاليز المحاكم من اجل الحصول على حقوقهن.
فأكدت هالة عبد القادر المدير التنفيذى للمؤسسة المصرية للأسرة، أهمية إعادة النظر فى قانون الاحوال الشخصية ومحاكم الاسرة، مشيرة الى ان القانون لم ينصف المراة المطلقة فى مسألة النفقة خاصة ان اثبات دخل الزوج فى مثل هذه القضايا يتم التلاعب فيه بشكل كبير, وبند الدفع او الحبس لا نستطيع الحصول عليه الا بعد النطق بالحكم والاستئناف وأخيرا رفع قضية الحبس او الدفع وبالتالى القضية تاخذ وقتا طويلا.
واضافت، أن هناك حالات قام الاباء بخطف ابنائهم من الام بالقوة لاسقاط النفقة, ووصل الامر الى عمل محاضر بالتعدى والضرب والسب والاتهام بالسرقة فى اقسام البوليس, وفى بعض الحالات يقوم بالزوج او المطلق باقحام ابويه او زوجته الجديدة فى نزاع قضائى مفتعل باقامة دعوى نفقة حتى يقتسموا مع المطلقة قدراته المالية عند تحديد مقدار النفقة.
وأوضحت “هالة عبد القادر” أن بنك ناصر يحدد مبلغ 500 جنيه كحد اقصى لصرف نفقة المطلقات حتى وان كانت السيدة معها حكم قضائى بملغ الف او الفان جنيه, فيرفض البنك الصرف لها, كما انه يرفض الصرف بأثر رجعى وتضيع على السيدة سنوات تقضيها فى المحاكم الى ان تحصل على حكم النفقة بدون اخذ أى مليم واحد.
وهناك حالات عديدة يرفض البنك ان يصرف لها بدعوى عدم الاستدلال على عنوان الزوج رغم أحقية بنك ناصر في تحريك دعوى قضائية بصفته (صاحب شأن) ضد الزوج حال عدم التزامه بسداد النفقة، ويقوم باسترداد المبالغ المحكوم بها على الأزواج وملاحقة غير المنتظمين في السداد.
تحايل الأزواج
واوضح “ياسر عبد الجواد” المحامى ورئيس المكتب العربى للقانون أن قانون الاحوال الشخصية قانون مهلل به الكثير من الثغرات ونتج عنه الكثير من الاشكاليات منها على سبيل المثال المعاناة التى تكابدها الاسرة المصرية بسبب طول امد التقاضى والتهرب من اداء الحقوق وهو ما يوقع اضرار بالغة بالطرف الاضعف وهو فى حالتنا المراة والابناء, فضلا عن الصعوبات فى تنفيذ لاحكام, وفى قضايا النفقة وجد انه نتيجة عدم وجود عقوبة رادعة للزوج الذى لا يقوم بسداد النفقة هناك العديد من الازواج يفضلون الحبس على سداد النفقة.
واضاف، أن عدم وجود وظيفة ثابتة للزوج يمكن التنفيذ من خلالها حكم النفقة من أهم المعوقات .., وفى حالة اخذ النفقات من صندوق الاسرة نجد ان بنك ناصر لا يتعامل مع اصحاب الاعمال الخاصة والمهن الحرة حتى وان كانت الزوجة حاملة للصيغة التنفيذية لصرف النفقة من البنك.
وتابع: بالرغم من أن الحجز على ممتلكات الزوج هو احد الوسائل حسما فى تنفيذ حكم النفقة الا أن الازواج يتحايلون على القانون بتبديد قائمة المنقولات اثناء تداول القضية فى المحكمة او التخلص من المسكن ذاته اذا كان ايجارا جديدا ويختفون تماما ,واذا حكمت المحكمة بالحبس فإن الزوج قد يهرب او يساومها عن طريق العنف حتى تمتنع عن اقامة الدعوى من الاساس.
قانون جديد
اما “عزة سليمان “رئيس مجلس امناء مؤسسة قضايا المراة المصرية فانتقدت عدم تفعيل دور نيابة الاسرة بالرغم من النص عليها فى قانون محكمة الاسرة مما يترتب عليه صعوبة اثبات دخل الزوج .
واشارت، الى صعوبة تنفيذ احكام النفقة وخاصة اذا كان الزوج من اصحاب الاعمال الحرة , وعدم الاعتراف بالصيغة التنفيذية لمحاضر مكاتب التسوية فى دعاوى الحبس, وطول امد التقاضى لعرض الصلح واعادة الاعلان, وقلة المبالغ الحكومة بها.
وأوضحت “عزه سليمان” أن حل الاشكاليات الخاصة بالنفقة يأتى من خلال وضع قانون جديد للاحوال الشخصية ينص على حق الزوجة فى طلب نفقة الزوجية لمدة أكثر من سنة سابقة على اقامة الدعوى اسوة بما هو مقرر للصغير طالما اثبتت حقها فى ذلك, واستثناء قضايا النفقات من عرض الصلح, الزام القضاء بالنفقة المؤقتة عند اقامة الدعوى والتزام بنك ناصر بسدادها لحين فرض النفقة بالحكم, ووضع حد ادنى للنفقة يساوى حد الكفاف دون النظر لقدرات الملتزم بها ماليا, وتحمل صندوق تأمين الاسرة الفارق بين قدرة الملتزم وحد الكفاف, والغاء اعادة الاعلان لعدم اطالة امد التقاضى, وأن يتضمن الحكم الصادر بالنفقة الالتزام بالاداء, والحبس عند الامتناع.
ومن جانبها طالبت د”نادية حليم” استاذ علم الاجتماع بالمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية ضرورة القضاءعلى مشكلة طول امد التقاضى ,مشيرة الى أن السرعة فى اصدار الاحكام سيوفر الكثير من التكاليف ,ويحمى النساء من البهدلة فى المحاكم, وحمايتهن من التكاليف المرتفعة التى تتطلبها الاجراءات والمحامون والمبتزون, والشعور بعدالة ناجزة, ووضع آليات لمواجهة التلاعب من قبل الازواج, واعادة النظر فى المبالغ الزهيدة جدا التى يحكم بها فى النفقات, والتى لا تتناسب مع دخل الزوج ومسئولياته تجاه الإنفاق على الأبناء.

تعليق 1
  1. رجل للاسف مصري يقول

    انتصار المرأة وابنائها على مين!؟ على زوجها وابو اولادها!!!؟
    انتوا مجانين صح!؟

التعليقات متوقفه