20% زيادة فى أسعار الوحدات.. من المستفيد من مشروع الإسكان الاجتماعى ؟!

285

اصابت موجة الغلاء التى نعيشها كل الحقوق الاساسية للمواطن المصري، والتى تشمل المأكل والملبس والمشرب وايضاً المسكن، حيث يعد السكن إستقرارا وسكينة للإنسان، وقد نص الدستور المصري على ان الدولة ملزمة بتوفير سكن ملائم للمواطن، ولكن مع ارتفاع الاسعار اصبح الاستقرار السكني حلما تسعي لتحقيقه فئات عديدة فى المجتمع من الفقراء ومحدودي الدخل.

فمنذ ان طرحت الدولة مشروع الاسكان الاجتماعي، الذي من المفترض انه موجه للفقراء ومحدودي الدخل، الا ان شروط التمويل العقاري تستبعد بذاتها شريحة كبيرة من المواطنين للحصول على وحدة سكنية حيث يشترط ان يكون الافراد المستفيدون من ذوي الدخول الثابتة ممن لديهم سجل تجارى وبطاقة ضريبية، فى حين ان ذوى الدخول غير الثابتة يمثلون نسبة 55 % من إجمالى القوى العاملة على مستوى كل قطاعات العمل الخاص والعام، ويصل عددهم لحوالي 15 مليون عامل تحت مسمي العماله غير الرسمية وفقاً لاخر الاحصائيات.
وعلى الجانب الاخر، ارتفعت مقدمات حجز الوحدات الى 11 الاف جنيه وذلك فى الاعلان التاسع الذي طرحته وزاره الاسكان حتى يوم 20 سبتمبر المقبل، بعدما كان مقدم الوحدة يبلغ 9 الاف جنيه فى الاعلان قبل الاخير، و 5 الاف جنيه فى الاعلانات السابقة، كما ارتفع القسط الشهري ليبدأ من 590 جنيها كحد أدنى، بعدما كان يبلغ 350 جنيها، بزياده 20% على ثمن الوحدة والتى تبلغ 184 الف جنيه بعدما كانت بـ 154 الف جنيه و134 الف جنيه فى الاعلانات السابقة.
إنفاق السكن
وفى ذات السياق قال د.رشاد عبده “ الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدي المصري للدراسات السياسية والاقتصادية “ ان إنفاق دخل الفرد على السكن يفوق المعدلات العالمية والتى حددت نسب انفاق الفرد بما لايزيد على 25% من الدخل.
مضيفاً ان قرار تعويم الجنيه اثر بشكل سلبي الامر الذي ادي الى رفع اسعار مواد البناء وعلى رأسها الحديد والاسمنت، بما دفع وزارة الاسكان الى زيادة اسعار الوحدات السكنية التى تطرحها بشكل يفوق القدرة الشرائية للفقراء ومحدودي الدخل.. لافتاً الى ان الدولة تسعي لمعالجة عجز الموازنة وزيادة الايرادات على حساب الغلابة والفقراء، معتبراً ان الإجراءات الاقتصادية التى اتخذتها الدولة ليست اصلاحا اقتصاديا لانها لم تحسن من مستوى الحياة المعيشي للمواطنين بل زادت نسب الفقر بما يزيد عن 40%.
محدودو الدخل
وقال محمد عبد العال “ المسشار القانوني لمركز حقوق السكن سابقاً “ انه لا يوجد تعريف محدد لـ “ محدودي الدخل” فى القوانين، وبالتالي منذ تدشين مشروع الاسكان الاجتماعي منذ حوالى 3 سنوات والذي يستهدف بناء مليون وحدة سكنية، تكمن المشكلة فى غموض المصطلحات وعدم وضوح الدور الذى يجب ان تقوم به الدولة.
مضيفاً ان السياسات التنفيذية التى تقوم بها وزارة الاسكان فيما يتعلق بالسكن وشروط هذا النمط الاسكاني، نجد انها لم تتخل عن سياساتها السابقة التى ادت الى خلل فى الحق فى السكن وتقوم بدور المقاول الذى يبنى بهدف الربح.. لافتاً الى ان الحد الادنى لدخل الفرد كي يستفيد من مشروع الاسكان الاجتماعي ويستطيع ان يتحمل تكاليف المعيشة الاخري يجب الا يقل عن 5 الاف جنيه شهرياً، وهذا من الصعب تحقيقه فى ظل الازمات الاقتصادية التى نعيشها بما يتضح ان معايير المشروع يشوبها الخلل ولا تصل للفئة المستهدفة.
تضخم
قال د.وائل النحاس “ خبير اقتصادي” ان فئات محدودي الدخل والفقراء خارج نطاق الخدمة، وقد تسبب مشروع المليون وحدة الذي تقوم الدولة بتنفيذه، فى تضخم اسعار العقارات فى الفتره الاخيرة، ووصل سعر اقل غرفة بمنطقة عشوائية لـ700 جنيه فى الشهر، فضلا عن ارتفاع اسعار مواد البناء وعلى راسها الحديد والاسمنت الذين تجاوز سعرهما الاسعار العالمية.. واضاف ان ارتفاع تكاليف المعيشة تعوق قدرة غالبية المواطنين على دفع الاقساط الشهرية لوحدات الاسكان الاجتماعي، فى ظل الغلاء المستمر للمعيشة، فضلا عن ان السياسات الاسكانية التمليكية تفوق القدرة الشرائية لما يزيد على 70% من المواطنين.
لافتاً الى ان الدولة لها دور تقوم به اهم من دور المطور العقاري، والمتمثل فى تحسين مستوى الخدمات، والتوسع فى المساكن التعاونية التى تناسب غالبية المواطنين وتناسب إمكانياتهم من خلال طرحها بالايجار وليس التمليك كما كان يحدث ايام الرئيس الراحل جمال عبد المناصر.
فئات مهمشة
وقال د.عمرو سليم “ منسق حملة مين بيحب مصر لتطوير العشوائيات “ إن اشتراط مشروع الاسكان الاجتماعي ان يكون المتقدمون للحصول على الوحدات من ذوى الوظائف الثابتة لإمكانية تحصيل القسط الشهري عن طريق بنك التمويل العقاري، يستبعد بذاته فئة اصحاب الاعمال الحرة والحرف، والتى تعد مهمشة، رغم انه من المفترض ان تكون لها الاولوية فى توفير السكن بإعتبارها شريحة كبيرة فى المجتمع.. واضاف ان نقص الخدمات والمرافق من مياه وكهرباء وصرف صحي بالعديد من المشاريع  الاسكانية التى تتبناها الدولة مثل مشروع ابني بيتك، يجعلنا لا نشعر بجدوي تنفيذ تلك المشاريع على ارض الواقع رغم الملايين التى تنفق عليها.
لافتاً الى اهمية ان تقوم الدولة بإعاده تخصيص الموارد المتاحة، ودراسة طبيعة المجتمع الذي تطرح فيه الوحدات السكنية حتى لا يكون ذلك إهداراً للمال العام والذي يزيد بذاته من مشكلة الوحدات المغلقة، مدللاً بذلك الى مشكلة الشقق المغلقة بمدن وقري الصعيد بإعتبار ان هذا الاقليم لا يحتاج لطرح وحدات سكنية جديدة مثل اسيوط الجديدة والمنيا الجديدة، بل يحتاج الى تنمية اقتصادية وتوفير خدمات وفرص عمل.
الظروف الاقتصادية
وقال السفير محمود راشد “ رئيس المجلس العربي لحقوق الانسان “ ان الظروف الاقتصادية الصعبة التى تمر بها مصر خاصة بعد مرور ثورتين، ادت الى عدم قدرة الدولة على توفير السكن بشكل يلبي كل الاحتياجات.. واضاف ان السكن يعد من الامور المهمة التى تلتزم الحكومة المصرية بتوفيرها كما نص الدستور والقانون، وبالتالي تسعي كل دولة بتوفير حد ادني من السكن الملائم والصحي حسب امكانياتها وظروفها.
لافتاً الى ان مشكلة الزيادة السكانية تعد من ابرز المشكلات التى تعوق تلبية كل المتطلبات، وبالتالي تسعي الدول لمواجهة ذلك عن طريق تخطيط زيادة موازنات السكن وإنشاء المساكن الشعبية لمحدودى الدخل.
مشيراً الى ان عدم توفير السكن الملائم للإنسان يؤثر سلباً على اداء وظيفته فى المجتمع، وضعف إمكانياته فى العمل والانتاج وعدم قدرته على التحمل، فضلا عن انتشار التلوث والامراض.

التعليقات متوقفه