د. جودة عبدالخالق يكتب :بلاش تزودولنا الدخول.. اضبطولنا الأسعار

10

أعزائي القراء

كنت أنوي أن أحدثكم في شأن الحوار الوطني، وأشرككم مخاوفي من اختطافه ودفعه بعيدًا عن مساره المأمول وغايته المرجوة. فبدلا من وصول الحوار إلى توصيات حول أولويات العمل الوطني، أخشى أن يتوه في تفصيلات كثيرة ويغرق في تفريعات صغيرة. وهنا تكون الخسارة الكبرى. واستشعارًا للمسئولية، أكتفي اليوم بهذه الإشارة السريعة إلى الحوار الوطني وأعود إليه لاحقًا.
فاليوم أناقش لإجراءات الاقتصادية التي أعلنها الرئيس خلال زيارته لبني سويف يوم السبت 16 سبتمبر. فقد وجه الحكومة بتنفيذ إجراءات لتحقيق الحماية الاجتماعية تشمل: أولًا- زيادة علاوة غلاء المعيشة الاستثنائية، لتصبح “600” جنيه، بدلًا من “300” جنيه، لكل العاملين بالجهاز الإدارى للدولة، والهيئات الاقتصادية، وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام .ثانيًا- زيادة الحد الأدنى الإجمالي للدخل للدرجة السادسة، ليصبح “4” آلاف جنيه، بدلًا من “3500” جنيه، لكل العاملين بالجهاز الإداري للدولة والهيئات الاقتصادية، ثالثًا- رفع حد الإعفاء الضريبي بنسبة “25%”، من “36” ألف جنيه، إلى “45” ألف جنيه، لكل العاملين بالجهاز الإداري للدولة، والهيئات الاقتصادية، وشركات قطاع الأعمال والقطاع العام .رابعًا- زيادة الفئات المالية الممنوحة للمستفيدين من “تكافل وكرامة”، بنسبة “15%” لأصحاب المعاشات، وبإجمالي “5” ملايين أسرة. خامسًا- مضاعفة المنحة الاستثنائية لأصحاب المعاشات والمستفيدين منها، لتصبح “600” جنيه، بدلًا من “300” جنيه، بإجمالي “11” مليون مواطن.
سادسًا- سرعة تطبيق زيادة بدل التكنولوجيا، للصحفيين المقيدين بالنقابة. سابعًا- قيام البنك الزراعي المصري، بإطلاق مبادرة للتخفيف عن كاهل صغار الفلاحين والمزارعين، من الأفراد الطبيعيين المتعثرين مع البنك، قبل أول يناير 2022. ثامنًا- إعفاء المتعثرين من سداد فوائد وغرامات تأخير سداد الأقساط المستحقة، للهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية، بحد أقصى نهاية 2024.
ومن الصعب تقدير الأثر الكلي لهذه الحزمة الأخيرة، لأن البيانات والمعلومات اللازمة غير متاحة لنا. ولذلك نكتفي اليوم بذكر بعض الملاحظات وطرح عدد من التساؤلات.
الملاحظة الأولى هي أن الإجراءات في ظاهرها تمثل خطوة أولى في مشوار الألف ميل لرفع بعض العبء الثقيل عن كاهل عدد معتبر من المصريين.
الملاحظة الثانية هي أن الإجراءات تتعلق بالحماية الاجتماعية، ولكنها لا تحقق العدالة الاجتماعية. وهي إجراءات اشتدت الحاجة إليها أساسًا لمواجهة الآثار السلبية للسياسات الاقتصادية للحكومة، وليس لمواجهة ما يسمى الأزمة العالمية.
الملاحظة الثالثة هي: أن الإجراءات لا تغطي العاملين في القطاع الخاص الرسمي وغير الرسمي، وهم الفئات الأكثر عددًا.
الملاحظة الرابعة هي: أن وزارة المالية تقدر التكلفة الإجمالية لهذه الحزمة بنحو 60 مليار جنيه سنويًّا. ولكنها مجرد قطرة في محيط؛ فهى لا تزيد على 2% من إجمالى المصروفات في الموازنة العامة.
وأخيرًا، التساؤل الأهم. ألم يكن الأفضل أن يوجه الرئيس حكومته بضبط الأسعار ووضع حد لجشع التجار؟ وللعلم، فقد سبق التجار الرئيس والحكومة ورفعوا الأسعار بالفعل. وأذهلني أن فاتورة الأكل والشرب لبيتنا هذا الأسبوع قفزت دفعة واحدة بمتوسط 20% عن الأسبوع الماضى. يعني “كأنك يا أبو زيد ما غزيت”. إنه سباق أشبه بسباق السلحفاة والثعلب. القضية ليست مجرد الإعلان عن زيادات في الدخول لا تلبث أن يلتهمها غول الأسعار وجشع التجار، ويترك الناس أسوأ حالا مما كانوا. أم أن التجار أصبحوا دولة داخل الدولة؟

التعليقات متوقفه