أمينة النقاش تكتب :مبادرتان لوقف الحرب فى أوكرانيا

1

ضد التيار
مبادرتان لوقف الحرب فى أوكرانيا

أمينة النقاش
بعد أيام تدخل الحرب الروسية فى أوكرانيا عامها الثانى، ويبدو جليا أن الغرب الأوروبى والأمريكى لا يرغب فى إنهائها. وفى مؤتمر ميونخ للأمن الذى أنهى اعماله الأحد الماضى، اتفق المسئولون الأمريكيون والأوروبيون وقادة حلف الناتو على مواصلة ضخ مزيد من الأسلحة والمساعدات للرئيس الأوكرانى «زيلينسكى» الذى خاطب المؤتمر من كييف للمطالبة بتسريع الدعم الغربى وتأكيد أنه «لا بديل عن انتصار أوكرانيا، ولا بديل عن أوكرانيا فى الاتحاد الأوروبى، ولا بديل عن أوكرانيا فى حلف شمال الاطلطنى». يقول ذلك بينما حجم الدعم الغربى لكييف فى العام الأول قد بلغ 60 مليار يورو، فضلا عن 5.50 مليار دولار من اليابان.
المفارقة المؤسفة تبرز فى أنه حين انتقد مراقبون التباطؤ الغربى فى مد يد العون لتركيا وسوريا فى كارثة الزلزال، التى لاتزال تتواصل خسائرها فى الضحايا والمبانى، تباهى الغربيون بحجم المساعدات للبلدين التى بلغت نحو 185 مليون يورو، ولو صحوة ضمير عابرة بدلت المساعدات فى الحالتين، لقلت الضحايا والخسائر وخف الدمار والخراب لدى كل الأطراف سواء فى الحرب أو فى الزلزال!!.
صيحات الحرب وتعهدات الدعم الهائل لكييف فى مؤتمر ميونخ من أجل ماقالت رئيسة المفوضية الأوروبية إنه «لهزيمة مخططات بوتين الأمبريالية»، تصاعدت وتيرتها بالزيارة التى قام بها الرئيس الأمريكى «بايدن» لكييف، بترتيب مسبق مع موسكو، وأعلن خلالها عن دعم جديد لكييف بنصف مليار دولار بجانب 50 مليار دولار حجم الدعم الأمريكى خلال الشهور الماضية. لكن الزيارة تنطوى كذلك على دلالات تتجاوز الدعم لزيلينسكى.
تخشى إدارة بايدن من التباين فى الموقف الأوروبى من الحرب، الذى يظهر بين الحين والاخر، والذى تم التعبير عنه مؤخرا فى مؤتمر موينخ وفى خارجه، وهو الذى يتباهى دائما بوحدة الموقف الغربى. الرئيس الفرنسى «ماكرون» لا يكف عن المطالبة بالحوار مع موسكو، والمستشار الألمانى «شولتز» يحث على البحث عن تسويات سياسية، ورئيس الوزراء الأسبانى يدعو للتفاوض مع «بوتين» وكل ذلك بحثا عن طرق لإنهاء الحرب. فالأضرار التى لحقت بالدول الغربية من إندلاع الحرب واستمرارها أكثر من أن تحصى. وما الاحتجاجات الجماهيرية المتواصلة فى المدن الغربية غضبا على تدهور مستويات المعيشة، وتدنى الخدمات العامة وعجز الرواتب والمداخيل عن ملاحقة غلاء الأسعار، سوى مظهر وحيد للنتائج السلبية للحرب على الاقتصاديات الغربية، وعلى معظم دول العالم. ازعج ظهور الصين على خريطة الحرب فى أوكرانيا الإدارة الأمريكية، التى أطلقت تصريحات متشنجة لمسئوليها تحذر الصين من خرق العقوبات المفروضة على روسيا، أو مد موسكو بأسلحة فتاكة. أما ما لم تعلنه واشنطن فى تصريحات التشنج، فهو الخشية من أن تقدم الصين على خطوة مماثلة بضم تايوان التى تعتبرها جزءا من الأراضى الصينية، وهى الدولة التى تعد أكبر منتج فى العالم للرقائق الإليكترونية. ولأن الهدف الأمريكى الأسمى، هو عرقلة الصعود الاقتصادى الصينى، الذى يتوقع بمقدم عام 2035 أن يتصدر كل اقتصاديات العالم، وإضعاف روسيا بالسعى لالحاق الهزيمة بها، فإن ظهور بكين فى مشهد الحرب الأوكرانية، يعرقل ذلك الهدف.
والمؤكد أن الصين تدرك جيدا أن وقف الحرب هو لصالحها، لكى لا تضطر إلى أن تفاضل بين خيارات تضر بمصالحها، فالتبادل التجارى بينها وبين الولايات المتحدة يصل سبعة أضعاف التبادل المماثل مع روسيا. والمؤكد كذلك أن الصين لن تسمح بهزيمة روسيا، ليس فقط لما يشكله ذلك من خلل فى التوازن الدولى، ولكن لإدراكها أن الحرب التالية ستكون معها لا محالة.فقوة الصين وروسيا ليس أمرا مطلوبا فى العقيدة الأمريكية، التى تتمسك بأن يكون القرار الدولى فى يد واشنطن وحدها دون شريك. ولهذا لم يكن مفاجئا أن يعلن وزير الخارجية الصينى أثناء انعقاد مؤتمر ميونخ للأمن عن مبادرة تتفاوض الصين بشأنها مع روسيا لإنهاء الحرب.
وبصرف النظر عن الحماس الزائد الذى قاد وزير الخارجية السعودى، للتصفيق وقوفا وبحرارة لكلمة” زيلينسكى “المتلفزة فى مؤتمر موينخ، برغم ما تضمنته من إشارات لدعم استمرار الحرب، فقد كشف الوزير السعودى عن مفاوضاوت تجرى مع موسكو للبحث عن سبل لإنهاء الحرب.
مبادرتان الآن فى الساحة الدولية، صينية وسعودية، من أجل التوصل لتوافق ينهى الحرب، التى كبدت بلاد منطقتنا خسائر فادحة، فضلا عن خسائرها الناجمة عن الكوارث الطبيعية والسياسية.فهل نأمل أن تتخلى الجامعة العربية عن صمتها العميق، وتتقدم لحث الدول العربية على دعم المبادرتين؟ خير إن شاء العلى الكريم.

التعليقات متوقفه