منصور عبدالغني :تأجيل رفع أسعار الكهرباء ..لماذا؟

123

انتباه

تأجيل رفع أسعار الكهرباء ..لماذا؟

منصور عبدالغني 
الدكتور مصطفي مدبولي يرأس حكومة من “التكنوقراط” تضم موظفين سابقين وفنيين وأساتذة جامعات، وهؤلاء يعملون منذ سنوات، دون النظر إلي الجوانب السياسية لما يقررونه ويصدرونه من قرارات، وبعيدا عن جدلية المفاضلة بين الوزير الموظف والفني وبين الوزير السياسي، وانطلاقا من الأوضاع والظروف الاستثنائية التي يمر بها العالم وتنعكس داخليا علي حياة المواطن المصري من ركود وتضخم وموجات متتالية من ارتفاع الأسعار وفقدان لفرص العمل، خاصة في قطاعات الأعمال الحرة والعمالة غير المنتظمة، أرى أنه من الضروري بل ومن الواجب مراجعة كافة القرارات التي تصدرها الحكومة خلال الفترة الحالية والشهور القليلة المقبلة سياسيا، خاصة القرارات التي تتعلق بالحياة اليومية للمواطن، والتي تفرض عليه أعباء جديدة وتتسبب في ارتفاع أسعار السلع والخدمات.
المواطن الذي تحمل أعباء كثيرة خلال السنوات الماضية وانهكته تداعيات برنامج الاصلاح الاقتصادي، كما يحلو لحكومة التكنوقراط تسميته، لم تعد لديه القدرة على تحمل المزيد من ارتفاع أسعار الخدمات والرسوم في ظل ما يعانيه من ارتفاع أسعار ضرورات الحياة، خاصة الغذاء والدواء، الأمر الذي يفرض ضرورة المراجعة السياسية والآثار الاجتماعية لما تنوي الحكومة إصداره من قرارات خلال الأيام المقبلة تتعلق برفع أسعار الكهرباء والغاز الطبيعي، وخدمات المياه والصرف الصحي، والتي تأتي مواكبة لموسم التقديم للمدارس والتحويلات فيما بينها، والانتقال من مرحلة إلى أخرى، والالتحاق بالجامعات وغيرها من الإجراءات التي تحتاج إلى شهادات ومستخرجات وقيد عائلي وشهادة من اثنين موظفين وعمولات “لهيئة البريد” و”فوري”، وجميعها خدمات تحتكرها الحكومة، وتم تحويلها إلى تجارة ووسيلة لاستنزاف جيوب المواطن من أجل تحقيق أرباح لبعض الجهات الحكومية.
الظروف المعيشية صعبة، والرضاء العام ليس علي أكمل وجه، والمواطن يعاني من أجل توفير احتياجاته من الغذاء في ظل الأزمة العالمية التي قد تمتد لسنوات, كما أن موارد الكهرباء والغاز والمياه لا تأتي فقط من بيع “ما تنتجه”، فهناك رسوم المعاينات وأموال المقايسات وناتج بيع العدادات وتجارة المهمات ومقابل الممارسات وبناء غرف التحكم وبيع المحولات والغرامات وغيرها الكثير والكثير من مصادر الدخل لتلك القطاعات، والتي يمكن من خلالها التخلي عن استهداف جيوب المواطنين ولو بشكل مؤقت في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية.
من أبرز القرارات المنتظرة خلال الأيام المقبلة، والتي تشغل الرأي العام، قيام الحكومة برفع أسعار استهلاك الكهرباء للاستخدامات المنزلية، والذي حال صدوره يعد دليلًا قاطعًا على غياب الرؤية السياسية لحكومة التكنوقراط وانعزالها تمامًا عن الواقعين السياسي والاجتماعي وعدم اهتمامها بالرضاء العام للمواطنين، والكهرباء لديها 27 مليون مشترك تقريبا بخلاف المغلق والمقروء بصفر بنسبة 42% للاستخدامات المنزلية من إجمالي الاستهلاك منهم 15 مليون مشترك تقريبا لا يتخطي استهلاكهم 200 كيلووات بنسبة 62% من إجمالي الاستهلاك المنزلي.
يبلغ المتوسط العام لسعر بيع الكيلو وات لكل شرائح الاستهلاك 115 قرشًا تقريبا، في حين يبلغ المتوسط العام لتكلفة إنتاج الكيلووات 114 قرشًا تقريبا، ودون الدخول في تفاصيل عدد الشرائح وأسعار البيع لكل شريحة فإن الأمر يحتاج إلى مراجعة سياسية وتأجيل رفع أسعار الكهرباء خلال العام الحالي؛ رحمة بالمواطنين وظروفهم الاجتماعية والاقتصادية، خاصة أن الأمر لن يكلف الحكومة أعباء اقتصادية.
بعيدًا عن الدوافع والأسباب التي تنطلق منها حكومة “التكنوقراط” وتندفع نحو استكمال مخططها لرفع وتحرير أسعار الخدمات وتحويلها إلى تجارة فإن الظروف الحالية تفرض إرجاء هذا المخطط، وذلك الاندفاع، وضرورة مراجعة أي قرار يتعلق بهذا الأمر سياسيا واجتماعيا، وتأجيل رفع أسعار الكهرباء سيكون له مردود ايجابي لدي المواطنين، خاصة محدودي الدخل والفقراء.
رحم الله الشهداء وتحيا مصر

التعليقات متوقفه