أمينة النقاش تكتب:ريش مهرجان الجونة وأزياؤه

311

ضد التيار

ريش مهرجان الجونة وأزياؤه

أمينة النقاش

قطعت “جهيزة” قول كل خطيب .أما الست “جهيزة ” فهى بطلة المثل العربى القديم، الذى يحكى عن اجتماع قوم من حيين، بهدف عقد شروط الصلح بينهما، بعدما قتل احدهما شخصا من الحى الآخر .وبينما هم يتبادلون الخطب الصاخبة عن دفع دية أو تحديد من يذهب لتنفيذ الثأر من القاتل، حضرت أمراة تدعى “جهيزة “وقالت لخطباء قومها، إن القاتل تم قتله من قبل بعض أولياء أمر القتيل .ويضرب المثل لمن يقطع على الناس ماهم منشغلون به، بمفاجأة يأتى بها. تنهى السجال الصاخب .

المفاجأة هذه المرة ليست من “جهيزة ” لكنها أتت من مدير الإدارة المركزية للمبادرة الرئاسية حياة كريمة بوزارة التنمية المحلية ” ولاء جاد”، بتصريحاته التى علق بها على الحملة التى تعرض لها فيلم “ريش” لمخرجه “عمر الزهيرى. وكان ” ريش” قد تم عرضه فى الدورة الخامسة لمهرجان الجونة السينمائى، وفاز فى ختام أعمالها بجائزة أفضل فيلم، عقب فوزه فى سابقة هى الأولى من نوعها،لأى فيلم مصرى، بالجائزة الكبرى للنقاد فى مهرجان كان السينمائى الدولى الأخير .وبطبيعة الحال، فإن هذا الفوز لا يجوز، أن يشكل، ذريعة لمصادرة حق من لم يعجبه الفيلم،لأسباب فنية، فى إبداء رأيه.

لكن الحملة على فيلم “ريش” هى غير ذلك، لأن من قادها فنانون، وعدد من رواد وسائل التواصل الاجتماعى، من بعض من يدعون الحكمة ويشهرون يافطة الغيرة الوطنية . وكان من المثير للدهشة، أن كثيرين منهم بدأ حملة الهجوم، وهولم يستكمل مشاهدة الفيلم ، وأغلبهم لم يكن قد شاهده أصلا.أما السلاح الذى ظن قادة الحملة أنه بتار، يخرس الألسنة، ويمرر الحملة على الفيلم، فهو أنه يسئ إلى سمعة مصر .

سوف أتحلى بحسن النية، واستبعد رأى من اتهموا الحملة على الفيلم، بالغيرة من نجاحه الدولى، وبرغبة من قاموا بها فى امتطاء “الترند “، وسعى بعضهم الآخر للبحث عن دور، وتفسير ما قاموا بأنه نفاق للدولة .ذلك أن فرض الوصاية على المجتمع، وتشديد الرقابة على الإبداع، والتضييق على خيال المبدعين ومواهبهم الخلاقة، تلبس دائما تلك المسوح، وتمتشق اسلحة شتى من الإرهاب الفكرى، لقوى تستهدف إرهاب الدولة والمجتمع . فكثيرا ما تمت مصادرة حرية الإبداع والاجتهاد، مرة باسم الدفاع عن الدين، واحتجاجا على ازدرائه، وأخرى باسم حماية الشريعة، وثالثة باسم الحفاظ على الفضيلة والأخلاق، ورابعة لأن أسرة الشخصية العامة ترفض تصويرها فى الدراما، ثم للحيلولة دون الاساءة لسمعة مصر!

كشفت الحملة على الفيلم، أن الدولة أكثر استنارة وتحررا وقبولا بالاختلاف بالرأى من المجتمع . والتصريح الذى أدلى به مدير الإدارة المركزية للمبادرة الرئاسية، ردا عليها، وقال فيه،إن المبادرة تنحاز لحرية الإبداع والفن، ولا تنحاز إلى الرأى الذى يرى أن فيلما سينمائيا يمكن أن يسئ إلى سمعة مصر،لأن مصر أكبر من ذلك بكثير، دليل من بين غيره من الأدلة، على ذلك .

وكان البعض قد اتخذ من الحملة على الفيلم، وسيلة للهجوم الموسمى على مهرجان الجونة، الذى يرسخ أقدامه، ويحقق تواجدا حقيقيا عاما بعد آخر . ويكفى دعاية للمنتجع وللسياحة المصرية، أن تنشر أخباره بشكل يومى فى كبريات الصحف العربية، وفى المحطات الفضائية الدولية، والمواقع الإليكترونية التابعة لها .وطبقا لما أعلنه المهندس “سميح ساويروس ” بالاتفاق مع ورزارة الثقافة، فإن الاستعدادات تجرى، لعمل مهرجان دولى مماثل فى الجونة للموسيقى والغناء .

ولكى لا يختزل البعض المهرجان الذى يشكل نجاحه إضافة للساحة السينمائية، فى ملابس الفنانات والفنانين المشاركين به، مع الاعتراف بأن بعضهم يخونه التوفيق فى الاختيار بالشكل الغرائبى الذى يظهر به، وينزلق آخرون منهم للتباهى بالثراء الفاحش لملابسهم، بعيدا عن المسئولية الاجتماعية، فقد يكون من الأجدى أن تركز إدارة المهرجان على بث الندوات المصاحبة للأفلام والتعريف بها، على نطاق واسع، وأن تنقل فى الدورات القادمة منه، الأفلام المشاركة به، للعرض فى مدن المحافظات الكبرى، لمد الصلة بينه وبين قطاع أوسع من المشاهدين، حتى يترسخ الاهتمام بمضمونه ومحتواه، بدلا من الجعجعة الفارغة عن شكل ملابسه .!

 

التعليقات متوقفه