حول الصاروخ الصيني الذي خرج عن التحكم

571

*مصطفي سامي رفعت

منذ عدة أيام فوجئنا بخبر ينتشر بشكل واسع عبر المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي يحذر من صاروخ صيني خرج عن التحكم، وسيسقط على الأرض قريباً، وقد يبيد قرىً وبلاداً ويقتل الآلاف من البشر عند ارتطامه بالأرض وانفجاره.

وبعد أن تلقى الجميع الصدمة وشعروا بالخوف من حدوث الكارثة وتحقق الهدف المرجو من تلك المبالغات بتهييج العالم كله ضد الصين بدأت تتضح التفاصيل الحقيقية للأمر بعد أن بدأ بعض المهتمين بالبحث والكتابة عنه ووضعه في حجمه الطبيعي، واتضح أيضاً الخطر الحقيقي الكامن وراء الصاروخ الصيني، ليس على كل سكان الأرض، وإنما على سكان البيت الأبيض.

في البداية لابد أن نعرف أن الصاروخ الصيني ليس الأول ولن يكون الأخير، لكنها المرة الأولى التي يتم تضخيم الأمر لتلك الدرجة عبر وسائل الإعلام، فالحطام الفضائي الناتج عن احتراق الصواريخ والمحطات الفضائية عند دخولها الغلاف الجوي للأرض عادةً مايسقط في المياه أو في مناطق غير مأهولة بالسكان، ونسبة احتمال سقوطه في منطقة مأهولة هي نسبة ضعيفة. وكانت القطعة الأكبر التي سقطت على الأرض من محطة سكايلاب الفضائية التابعة لناسا في عام 1979 ، ثم مرحلة صاروخ سكايلاب في عام 1975 ومحطة ساليوت 7 الفضائية التابعة للاتحاد السوفيتي في عام 1991. ويمكن إضافة مكوك الفضاء كولومبيا من عام 2003 إلى تلك القائمة منذ أن فقدت ناسا السيطرة عليه عند هبوطه للعودة إلى الأرض.

أما سبب التخوف الحقيقي من الصين فهو متعلق بتعاظم السيطرة الصينية على الفضاء، وهو ماحاولت أمريكا منعه طوال العقود السابقة ومنعت الصين من المشاركة في محطة الفضاء الدولية، لتقرر الصين أخيراً بناء محطتها الفضائية الخاصة، والتي تم إطلاق الجزء الأساسي لها على متن ذلك الصاروخ “لونغ مارش 5 بي”، وستستمر عملية بناء المحطة وتجميعها لمدة أكثر من عام، وذلك عبر عشر مهمات رئيسية، من بينها أربع رحلات مأهولة.

في 2022 أو 2023 بحد أقصى سينتهي بناء المحطة الصينية، لتكون هي الوحيدة التي تعمل حول الأرض بعد انتهاء محطة الفضاء الدولية في 2024 ، كما تعتزم روسيا أيضاً بناء محطتها الخاصة، حيث قال مدير وكالة الفضاء الروسية ديميتري روغوزين أن أول وحدة أساسية للمحطة الفضائية الجديدة هي قيد البناء، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن روغوزين أن “الهدف هو إطلاقها الى المدار في 2025”.

أيضاً أعلنت وكالة الفضاء الروسية “روسكوزموس” أن روسيا والصين تتعاونان لإنشاء قاعدة أبحاث على القمر تنافس بوابة القمر التابعة لوكالة الفضاء الأميركية “ناسا”، فقد وقعت السلطات الفضائية من موسكو وبكين في مارس الماضي مذكرة تفاهم لإطلاق المشروع، الذي سيكون مفتوحا أمام الدول الأخرى للانضمام.

في السنوات الماضية أنفقت الصين مليارات الدولارات على برنامجها الفضائي للحاق بالأمريكيين والروس والأوروبيين، وقد بدأت الولايات المتحدة تشعر بالخطر مؤخراً لدرجة أنها أسست العام الماضي فرعاً سادساً لقواتها المسلحة هو فرع “القوة الفضائية”، وأبلغ ترامب مجموعة من العسكريين أثناء توقيع قرار إنشاء القوة أن “الفضاء هو أحدث ساحة قتال في العالم”. بينما ردت الصين باتهام الولايات المتحدة بـ”تسليح الفضاء الخارجي”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية غينغ شوانغ إنّ “هذه التصرفات الأميركية تنتهك بقوة الإجماع الدولي بشان الاستخدام السلمي للفضاء الخارجي … وتشكل تهديداً مباشراً للأمن والسلام في الفضاء الخارجي”.

مما سبق يتضح لنا أن الولايات المتحدة الأمريكية تشعر بخطر حقيقي وتهديد لهيمنتها على الفضاء، وهو مايفسر استخدامها “البروباجندا” كأحد أسلحتها للرد على ذلك التهديد، واستثارة الرأي العام العالمي لكسب تعاطفه في أية قرارت قد تتخذها مستقبلاً ضد المهيمن الجديد على الفضاء.

وأخيراً، ينبغي التوضيح أن هذا المقال ليس دفاعاً عن تعريض حياة البشر للخطر حتى ولو كانت نسبة حدوثه قليلة، وأن الأمر ينبغي تنظيمه وتقنينه بحيث يتم منع أو تقليل الخطر المحتمل للحطام والنفايات الفضائية لأقل درجة ممكنة، لكنه ليس من المنصف أن تتحمل الصين وحدها كل الهجوم من أجل صاروخ واحد، رغم أن الفضاء الخارجي يمتليء بالحطام والنفايات التابعة للأمريكان والأوروبيين والروس منذ بدأت رحلات الفضاء في خمسينات القرن الماضي، والتي كونت فوقنا سحابة تزيد عن 9000 طن من خردة الفضاء المكونة من مئات الآلاف – وربما الملايين – من الأجسام التي تدور في مدار غير خاضع للرقابة ، بما في ذلك معززات الصواريخ المستهلكة والأقمار الصناعية الميتة والحطام من العروض العسكرية للصواريخ المضادة للأقمار الصناعية.

https://edition.cnn.com/2021/05/05/politics/chinese-rocket-debris-space-earth-explainer-scn/index.html?fbclid=IwAR33SVqIzUOtJP11sAL2ETkgDz4Uhq4toULEUmh36DNklmOql1qXIrVXm80

مصادر:

– https://edition.cnn.com/2021/05/05/politics/chinese-rocket-debris-space-earth-explainer-scn/index.html

– https://www.skynewsarabia.com/technology/1435118-%D8%B5%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%B7%D9%8A%D8%B1-%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D9%81%D8%B6%D8%A7%D8%A1-%D9%8A%D8%B4%D8%B1%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B5%D9%8A%D9%84

– https://www.skynewsarabia.com/technology/1431330-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D8%AA%D8%B9%D8%AA%D8%B2%D9%85-%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D9%85%D8%AD%D8%B7%D8%A9-%D9%81%D8%B6%D8%A7%D9%8A%D9%94%D9%8A%D8%A9-%D8%AE%D8%A7%D8%B5%D8%A9

– https://www.skynewsarabia.com/technology/1420689-%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D9%88%D8%AD%D8%AF%D8%A7%D9%86-%D9%82%D9%88%D8%A7%D9%87%D9%85%D8%A7-%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D8%A1-%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%85%D8%B1

– https://www.skynewsarabia.com/technology/1433695-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%B7%D9%84%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AD%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%94%D8%B3%D8%A7%D8%B3%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%85%D8%AD%D8%B7%D8%AA%D9%87%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B6%D8%

التعليقات متوقفه