ليبيا مسار معقد..تناقض بين التصريحات والنوايا السياسية الحقيقية والمواقف الفعلية على أرض الواقع

216

*دينا محسن

ليبيا والمسار المُعقّد.. ربما يتغير مسار الصراع فى ليبيا من احتمالات المواجهة المفتوحة المكلفة, وربما يتحول مسار التسوية السياسية فى ليبيا, والآن يتم بقوة تهيئة المسرح الدولى لهذا، وهى سياسة لا تقل أهمية عن سياسة الأمر الواقع, سياسة المراوغة واستبدال التكتيك واللعب بأوراق البدائل, ويبقى السؤال هل المساحة الزمنية لفرض واقع جديد فى ليبيا, هى نفس المساحة الزمنية لانتهاء فترة الانتخابات الرئاسية الأمريكية؟!
فبعد الإعلان عن وقف إطلاق النار من جانب حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج، وعقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي، ولكن رغم ذلك هناك تناقض ما بين التصريحات والنوايا السياسية الحقيقية, والمواقف الفعلية على أرض الواقع. فاندلعت مظاهرات فى الغرب الليبي، فى الوقت الذي حدد فيه الجيش الوطنى الليبي بقيادة خليفة حفتر عدة شروط لقبول الاتفاق، أبلغها للولايات المتحدة الأمريكيةـ وسيط الإتفاق.
“ارحل.. ارحل “، و “الشعب يريد إسقاط النظام” بتلك الشعارات ردد المتظاهرون في العاصمة الليبية أمس الأول الاثنين وهى أول تظاهرات منذ خمسة أعوام وتم تنظيمها “أون لاين” على خطاب رئيس الحكومة فايز السراج، الذي ألمح فيه إلى تغيير حكومي، لامتصاص الغضب الشعبي الذي أمتد على مدى الأيام الماضية في طرابلس، جراء تدهور الوضع المعيشي والخدمات الأساسية من كهرباء وماء وغيرها.
كما ندد المتظاهرون في هتافاتهم بجلب المرتزقة السوريين الذين تُدفع رواتبهم بالدولار بينما يعاني الليبيون من قلة السيولة وارتفاع الأسعار وتردي الخدمات الرئيسية
ومطالب المحتجين، وتململهم من انقطاع الخدمات والأزمة المعيشية، فاعتبر أن وجود تلك الأزمات هو نتيجة تراكمات، وليست وليدة اللحظة، مضيفا أن “الحكومة تعمل على حلها”.
كما أطلق عدد من النشطاء دعوات للدخول في حالة عصيان، يشمل إغلاق المحلات التجارية والمؤسسات الحكومية في العاصمة.
وقال شهود عيان، إن حكومة الوفاق، تشن حملةَ دهم واعتقالات ضد عشرات النشطاء في طرابلس، فيما أضرم متظاهرون النار في الإطارات، في مناطق الدريبي وقرقارش والسراج في العاصمة الليبية. وأن “كتيبة النواصي”، التابعة لحكومة الوفاق، تطارد المتظاهرين في شوارع طرابلس، في وقت سمعت فيه أصوات إطلاق النار.
وقال رئيس لجنة التواصل الاجتماعي الليبية المصرية، عادل الفايدي، إن رئيس حكومة الوفاق، فايز السراج، ورفاقه، هم من جلبوا المرتزقة إلى طرابلس. وطالب الفايدي، السراج باتخاذ موقف لطرد المرتزقة من البلاد.
من ناحية أخري، أعلن الجيش الوطني الليبي، أول أمس الاثنين، التأهب بعد توجه ميليشيات تابعة لتركيا إلى سرت والجفرة.
وقالت مصادر إن الجيش الوطني الليبي سلم أمريكا وأوروبا شروطه لوقف إطلاق النار. واشترط الجيش الليبي لوقف إطلاق النار سحب الميليشيات من حدود سرت والجفرة، كما طلب إشرافاً دولياً على سحب المرتزقة التابعة للوفاق، وتفكيك القواعد العسكرية التركية، مشدداً على هذه النقطة قبل الموافقة على أي مبادرة.
وشدد الجيش على ضرورة إلزام تركيا بسحب قواتها من ليبيا، كما اشترط تجميد الاتفاقيات المبرمة بين رئيس حكومة الوفاق فايز السراج مع تركيا للقبول بأي مبادرة. كما طالب بوضع جدول زمني لسحب المستشارين العسكريين الأتراك من ليبيا، وجدول زمني لتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها. وتأمين المناطق النفطية دون مشاركة حكومة الوفاق.
وقال المتحدث باسم الجيش الليبي، أحمد المسماري، إن معركة سرت قد تندلع في أي لحظة.
ووصف مبادرة رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، فايز السراج، بأنها مبادرة لذر الرماد في العيون وللتسويق الإعلامي فقط. وأشار إلى أنه تم رصد سفن حربية تركية متجهة إلى سرت.
وكان السراج، أعلن الجمعة، وقفاً شاملاً لإطلاق النار في كل الأراضي الليبية. وأوضح في بيان صادر عن المجلس أن تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار يقتضي أن تصبح منطقتا سرت والجفرة منزوعتي السلاح، على أن تقوم الأجهزة الشرطية من الجانبين بالاتفاق على الترتيبات الأمنية داخلهما”. كما دعا السراج إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة خلال شهر مارس القادم، باتفاق الأطراف الليبية.
وفى ظل التعبئة والحشد والتربص، وفى ظل الإصرار التركى على مواصلة القتال للهيمنة على سرت عبر نقل ودعم قوات أجنبية وميليشيات إرهابية، صدرت ثلاثة بيانات مهمة عن البعثة الأممية المعنية بإيجاد تسوية سياسية ملائمة ومتوازنة فى ليبيا، وعن المجلس الرئاسى المهيمن فى الغرب ومعه حكومة الوفاق برئاسة السراج، وعن مجلس النواب المنتخب فى الشرق والداعم لقوات الجيش الوطنى الليبى برئاسة حفتر، وكلها بيانات تؤكد على بدء تفعيل مسار سياسى لتسوية الصراع الليبى بعد وقف إطلاق النار بين الطرفين المتحاربين والقوى الداعمة لهما.
دعمت مصر والجامعة العربية هذا التطور اللافت والإيجابى (الاتفاق على وقف إطلاق النار فى ليبيا), حيث كانت نذر الحرب تلوح فى الأفق على وشك الانفجار، إثر الخلاف على هوية المسيطر على خط سرت- الجفرة الاستراتيجى، الواقع فى منتصف الشريط الساحلى الليبى المطل على البحر المتوسط، قرب مرافئ النفط الرئيسية فى البلاد، التى تشكل جزءاً مهماً من مقدرات ثروتها النفطية.

التعليقات متوقفه